قصيدة بَكيتُ عَلى الشَبابِ بِدَمعِ عَيني
قال أبو العتاهية:
بَكيتُ عَلى الشَبابِ بِدَمعِ عَيني
-
-
- فَلَم يُغنِ البُكاءُ وَلا النَحيبُ
-
فَيا أَسَفا أَسِفتُ عَلى شَبابِ
-
-
- نَعاهُ الشَيبُ وَالرَأسُ الخَضيبُ
-
عَريتُ مِنَ الشَبابِ وَكانَ غَضّاً
-
-
- كَما يَعرى مِنَ الوَرَقِ القَضيبُ
-
فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً
-
-
- فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ
-
قصيدة احتضني
- وأخيراً آنَ للتائِهِ أنْ يَعْرفَ مِنْ أيْنَ الطريقْ
- آن للسّاري الغريبِ
- من عينيه بينبوع الشروقْ
- آنتِ العَودَةُ للأرْضِ.. وَلِلبَيْتِ الحَبيبِ
- آنَ لِلمُتعَبِ أنْ يَفترشَ الظلَّ الرفيقْ
- ويريحَ النفس والقلب المشوقْ
- بين ريحانٍ وطيبِ
- فانتظِرنِي.. أيُّها الغائِبُ عنِّي
- لمْ تغِبْ عَنْ مُهْجَتِي يَوْماً وَظنِّي
- سَأغنِّي.. عِندَمَا تقتربُ الشُّطآنُ مِنِّي
- طائراً فَوْقَ جناحٍ يمخرُ الأفق السحيقْ
- زاعقٍ كالرعدِ مُندفعٍ مثلَ الشهابْ
- سَابحٍ فوْقَ السَّحَابْ
- يقطع الآمادَ فوقَ الجَبَلِ الشَّاهِقِ والبَحْرِ العَميقْ
- مُنصِتاً للغَزَلِ الحَالِمِ بَيْنَ النجْمِ وَالبَدْرِ الطرُوبِ
- يا حبيبي..
- أنا وَالنوْرَسُ وَالغيمَاتُ وَالنسْمَاتُ جئناكَ نطيرْ
- نحْمِلُ البَهْجَةَ.. وَالشَّوْقَ الكثيرْ
- أيُّها الغائِبُ عَنِّي..
- سَأغنِّي.. عِندَمَا تقتربُ الشُّطآنُ مِنِّي
- عَائِداً لِلوَطنِ الغالِي لأقتاتَ الحَنانْ
- وأريحَ الجسدَ المُضنى على فُرشِ الأمانْ
- حابساً سيلَ دموعِي في المآقي
- وَأصَلي للتلاقِي
- فاحْتضِني.. عندَهَا وَاهصرْ ضُلوعِي بالعِناق
- وارْتشِفْ كلَّ حَنانِي واشتياقِي
- يا حبيبي
قصيدة أحن إلى طفولتي
- أحن لطفولتي
- أرجع زمان الأمس من صفحاتي
ما أجمل الأيام بعد فوات
- ذكرى يعود إلى الفؤاد حنينها
- يوماً إذا ذاق الفؤاد بآهات
- زمن تولى من ربيع حياتنا
- في ظله ما أجمل الأوقات
- نلهو ونمرح والسعادة عندنا
- ما أصدق البسمات والضحكات
- نجري ونجري ليس ندري أنها
- تجري بنا الأعمار في الساعات
- ونلاعب المطر الخفيف إذا أتى
- وعلى اليدين تساقط القطرات
- نبكي ونضحك تلك حال طفولة
- ونصدق الأفعال والكلمات
- ما أجمل الأيام تمضي غفلةً
- زمن الصفاء يمر في عجلات
قصيدة خلف جدران الأسى
- خلْفَ جُدرانِ الأسى شاكٍ حزينْ
- يذرفُ الدّمعَ على ماضي السّنينْ
- يذْكُرُ الأمْسَ، فيشْتدُّ الحنينْ
- ويُزيلُ الصَّمْتَ أصْداءُ الأنينْ
- في ظلامِ اللّيلِ لا يحْلو الرُّقادْ
- لجريحٍ جُرْحُهُ مسَّ الفؤادْ
- عبثاً حاوَلَ أنْ يلْقى المُرادْ
- ثمّ لمّا كابَدَ الأشْواقَ… عادْ
- أيُّها القلْبُ الّذي قاسى العذابْ
- ما الّذي ترجوهُ مِنْ طُولِ الغيابْ
- تكْتمُ الوَجْدَ، وتُخفي الاكتئابْ
- كُفَّ عنْ هذا، فما أحلى الإيابْ!
- ذكرياتٌ باقياتٌ في الخيالْ
- وأمانٍ لسْتُ أدري: هل تُنالْ؟
- أمْ تراها أصبحتْ قيْدَ المُحالْ
- شُرِّدَتْ وارتحلَتْ خلْفَ الجبالْ
قصيدة إلى أمي
قال محمود درويش:
- أحنُّ إلى خبز أمي
- وقهوة أُمي
- ولمسة أُمي..
- وتكبر فيَّ الطفولةُ
- يوماً على صدر يومِ
- وأعشَقُ عمرِي لأني
- إذا مُتُّ،
- أخجل من دمع أُمي!
- خذيني، إذا عدتُ يوماً
- وشاحاً لهُدْبِكْ
- وغطّي عظامي بعشب
- تعمَّد من طهر كعبك
- وشُدّي وثاقي..
- بخصلة شعر..
- بخيطٍ يلوَّح في ذيل ثوبك..
- عساني أصيرُ إلهاً
- إلهاً أصيرْ.
- إذا ما لمستُ قرارة قلبك!
- ضعيني، إذا ما رجعتُ
- وقوداً بتنور ناركْ…
- وحبل غسيل على سطح دارك
- لأني فقدتُ الوقوف
- بدون صلاة نهارك
- هَرِمْتُ، فردّي نجوم الطفولة
- حتى أُشارك
- صغار العصافير
- درب الرجوع…
- لعُشِّ انتظارِك!
قصيدة أجمل الذكريات
- صَديقي.. أحدِّثُكَ اليومَ عن أجملِ الذكرياتْ
- بحثتُ عليهِنّ في كلّ دَغْلٍ وكلِّ فَلاةْ
- وفي مُدلهِمّ الدياجيرِ والظلُماتْ
- وفي طرقٍ بَعُدَتْ عن ضياءِ الشعورْ
- وبينَ القُبورْ
- نَبَشتُ دَهاليزَ مردومةً بغبار الزمانِ
- فلم ألقَهُنَّ بأيّ مكانِ
- وحينَ النعاسُ غزاني
- أَتَينَ مع الحُلْمِ دونَ توانِ
- يُظلِّلُهُنّ كَثيفُ الدُّخانِ
- ويسبقُهُنَّ العبيرْ
- جلسن أمامي على بُسُطٍ من زهورْ
- فحَيَّينَ بالعَبراتْ
- تساقطنَ حزناً على الوَجَناتْ
- فأينَعَ وردٌ وتوتُ
- وضَوّعَ مِسكٌ فَتيتُ
- ورانَ السكوتُ
- كأنّا لُجِمنا بسحرِ اللقاءْ
- فمثلَ اشتياقي إليهنَّ كُنَّ إليَّ ظِماءْ
- ورحتُ أقصّ علَيهنَّ ما قد لقيتُ
- وما قد عرانيَ بعدَ الفراقِ من الحَسَراتْ
- فقبَّلنني بالتَّأَوِّهِ والزفَراتْ
- قَصَصَنَ علَيَّ الذي ما نسيتُ
- وأقسمنَ أَلاّّ يُفارقنني ما حييت
- نعم يا صديقُ هي الذكرياتُ الجميلة
- وإن رقدت خلفَ صَمتِ الأحاسيسِِِ ليستْ تموتُ:
- سنينُ الدّراسَةِ، والعُمُرُ الأخضرُ
- ربيعُ الحَياةِ، وبستانُها المزهرُ
- هي اليومَ واحةُ عمري الظليلة
- وكم كنتُ أنعَتُها النّكَدَ المُدلَهِمَّ ألا تَذكُرُ..؟
- فلم تكُ عندي سوى زمهريرِ العَناءْ
- وقيظِ الشَّقاءْ
- تَعُبُّ وتأكُلُ من مقلَتَيَّ الحُروفُ، ورأسي
- تجولُ بهِ راجماتُ الصداعِ صباحَ مساءْ
- تدقّ به ألفُ مِطرَقَةٍ ألفُ فأسِ
- مَضى كلّ ذلكَ دونَ انتِباهْ
- كأنْ لم يكنْ من فُصولِ الحياة