قصيدة الفقيه
يقول الشاعر قاسم حداد:
- مالَ الفقيهُ على الكتاب
- وقال لي: من أينَ أبدأُ،
- كلما عالجتُ إثماً ثارَ اسمُ
- هل تريدُ الريفَ جنتك الأخيرة
- ربما كان الجحيمُ يكافئ القتلى
- فترنو للهوامش
- تحتمي بالحبر في شجر المساء.
- من أين أبدأ،
- لا الكتابُ يُجِيزُ لي
- أن أستعيرَ النصَّ كي أُخفِيكَ
- لا في الخمر وَهْمُ.
- مالَ لي،
- ورأيتُ غرباناً تحومُ على الحقول
- كمن يقول:
- قال الفقيهُ له فلم يُصغِ
- وطالتُه يدٌ مسلولةٌ من مرجع الفتوى
- وحصتُه من الخوفِ الكثيفِ
- وسادةٌ مشحونةٌ بالفَقدِ والخذلانِ
- لو قالَ الفقيهُ له
- لكان الطيرُ هودجَه
- وكان بريدُه الآياتِ والتأويلَ
- لم يمنحْ له سَعيُ الفقيهِ
- سوى الخطايا
- والجوائزُ كلها مرصودةٌ
- بمقاصلٍ تسعى إليه
- فبكى عليه
- وراحَ يقرأُ سورةَ الكهفِ القديمة
- والفقيهُ مضرجٌ بالذُعر
- لم يدركْ من الحب الأخير
- سوى انتحابةِ عاشقٍ مقتولْ
- لو مالَ الفقيهُ وقالَ لي،
- ما نالني موتٌ،
- أنا الشخصُ الغريب
- بلا حبيب.
قصيدة بَكيت وَلَكِن بِالدُموعِ السَخينَةِ
يقول الشاعر إيليا أبو ماضي:
بَكيت وَلَكِن بِالدُموعِ السَخينَةِ
-
-
- وَما نَفَذَت حَتّى بَكَيتُ بِمُهجَتي
-
عَلى الكامِلِ الأَخلاق وَالنَدبِ مُصطَفى
-
-
- فَقَد كانَ زَينَ العَقلِ الفُتُوَّةِ
-
نَعاهُ لَنا الناعي فَكادَت بِنا الدُنى
-
-
- تَميدُ لِهَولِ الخَطبِ خَطبِ المُروأَةِ
-
وَذابَت قُلوبُ العالَمينَ تَلَهُّفاً
-
-
- وَسالَت دُموعُ الحُزنِ مِن كُلِّ مُقلَةِ
-
أَجَل قَد قَضى في مِصرَ أَعظَمُ كاتِبٍ
-
-
- فَخَلَّفَ في الأَكبادِ أَعظَمَ حَسرَةِ
-
فَتى وَأَبي لَوَ اَنَّ في الناسِ مِثلَهُ
-
-
- لَهانَ عَلَينا وَقعُ هَذي الرَزيأَةِ
-
وَلَو كانَ يُفدى بِالنُفوسِ مِنَ الرَدى
-
-
- جَعَلنا فَداهُ كُلَّ نَفسٍ أَبِيَّةِ
-
فَتىً ماتَ غَضَّ العُمرِ لَم يَعرِفِ الخَنا
-
-
- وَلَم يَنطَوي في نَفسِهِ حُبُّ رَيبَةِ
-
وَقَد كانَ مِقداماً جَريئاً وَلَم يَكُن
-
-
- لِيَبغي الرَدى غَيرَ النُفوسِ الجَريأَةِ
-
وَكانَ جَواداً لا يَضُنُّ بِحاجَةٍ
-
-
- لِذَلِكَ أَعطى روحَهُ لِلمَنِيَّةِ
-
سَلامٌ عَلى مِصرَ الأَسيفَةَ بَعدَهُ
-
-
- فَقَد أَودَعَت آمالَهُ جَوفَ حُفرَةِ
-
خَطيبُ بِلادِ النيلِ مالَك ساكِناً
-
-
- وَقَد كُنتَ تُلقي خُطبَةً إِثرَ خُطبَةِ
-
تَطاوَلَتِ الأَعناقُ حَتّى اِشرَأَبَّتِ
-
-
- فَهَل أَنتَ مُسديها وَلَو بَعضَ لَفظَةِ
-
-
-
- نَعَم كُنتَ لَولا المَوتِ فارِجَ كَربِها
-
فَيا لِلرَدى مِن غاشِمٍ مُتَعَنِّتِ
-
-
- تَفَطَّرَتِ الأَكبادُ حُزناً كَأَنَّما
-
مَماتَكَ سَهمٌ حَلَّ في كُلِّ مُهجَةِ
-
-
- وَما حَزِنَت أُمٌّ لِفَقدِ وَحيدِها
-
بِأَعظَمَ مِن حُزني عَلَيك وَلَوعَتي
-
-
- كتُناديكَ مِصرُ الآنَ يا خَيرَ راحِلٍ
-
وَيا خَيرَ مَن يُرجى لِدَفعِ المُلِمَّةِ
-
-
- عَهَدتُكَ تَأبى دَعوَةً غَيرَ دَعوَتي
-
-
-
- فَمالَكَ تَأبى مُصطَفى كُلَّ دَعَوَةِ
-
فَقَد تَكُ رَيّاناً فَيا طولَ لَهفَتي
-
-
- لَقَد كُنتَ سَيفي في الخُطوب وَجَنَّتي
-
أَجَل طالَما دافَعتَ عَن مِصرَ مِثلَما
-
-
- يُدافِعُ عَن مَأواهُ نَحلُ الخَلِيَّةِ
-
فَأَيقَظَتها مِن رَقدَةٍ بَعدَ رَقدَةٍ
-
-
- وَأَنهَضَتها مِن كَبوَةٍ تِلوَ كَبوَةِ
-
وَقَوَّيتَ في أَبنائِها الحُبَّ نَحوَها
-
-
- وَكُنتَ لَهُم في ذاكَ أَفضَلَ قُدوَةِ
-
رَفَعتَ لِواءَ الحَقِّ فَوقَ رُبوعِها
-
-
- فَضَمَّ إِلَيهِ كُلَّ ذي وَطَنِيَّةِ
-
لَئِن تَكُ أَترَعتَ القُلوبَ مَحبَّةً
-
-
- فَإِنَّكَ لَم تُخلَق لِغَيرِ المَحَبَّةِ
-
فَنَم آمِناً وَفَيتَ قَومَكَ قِسطَهُم
-
-
- فَيا طالَما ناموا وَأَنتَ بِيَقظَةِ
-
سَيُبقي لَكَ التاريخُ ذِكراً مُخَلَّداً
-
-
- فَقَد كُنتَ خَيرَ الناسِ في خَيرِ أُمَّةِ
-
عَلَيكَ مِنَ الرَحَمَنِ أَلفُ تَحِيَّةٍ
-
-
- وَمِن أَرضِن مِصرَ أَلفُ أَلفِ تَحِيَّةِ
-
قصيدة آية النسف
يقول الشاعر أحمد مطر:
- لا تهاجر
- كل ما حولك غادر
- لا تدع نفسك تدري بنواياك الدفينة
- وعلى نفسك من نفسك حاذر
- هذه الصحراء ما عادت أمينة
- هذه الصحراء في صحرائها الكبرى سجينة
- حولها ألف سفينة
- وعلى أنفاسها مليون طائر
- ترصد الجهر وما يخفى بأعماق الضمائر
- وعلى باب المدينة
- وقفت خمسون قينة
- حسبما تقضي الأوامر
- تضرب الدف وتشدو: “أنت مجنون وساحر”
- لا تهاجر
- أين تمضي؟ رقم الناقة معروف
- وأوصافك في كل المخافر
- وكلاب الريح تجري ولدى الرمل أوامر
- أن يماشيك لكي يرفع بصمات الحوافر
- خفف الوطء قليلاً
- فأديم الأرض من هذي العساكر
- لا تهاجر
- اخف إيمانك
- فالإيمان أستغفرهم إحدى الكبائر
- لا تقل إنك ذاكر
- لا تقل إنك شاعر
- تب فإن الشعر فحشاء وجرح للمشاعر
- أنت أمي
- فلا تقرأ
- ولا تكتب ولا تحمل يراعاً أو دفاتر
- سوف يلقونك في الحبس
- ولن يطبع آياتك ناشر
- امضِ إن شئت وحيداً
- لا تسل أين الرجال
- كل أصحابك رهن الاعتقال
- فالذي نام بمأواك أجير متآمر
- ورفيق الدرب جاسوس عميل للدوائر
- وابن من نامت على جمر الرمال في سبيل الله: كافر
- ندموا من غير ضغط
- وأقروا بالضلال
- رفعت أسماؤهم فوق المحاضر
- وهوت أجسادهم تحت الحبال
- امضِ إن شئت وحيداً
- أنت مقتول على أية حال
- سترى غاراً
- فلا تمش أمامه
- ذلك الغار كمين
- يختفي حين تفوت
- وترى لغماً على شكل حمامة
- وترى آلة تسجيل على هيئة بيت العنكبوت
- تلقط الكلمة حتى في السكوت
- ابتعد عنه ولا تدخل وإلا ستموت
- قبل أن يلقي عليك القبض فرسان العشائر
- أنت مطلوب على كل المحاور
- لا تهاجر
- اركب الناقة واشحن ألف طن
- قف كما أنت ورتل آية النسف على رأس الوثن
- إنهم قد جنحوا للسلم فاجنح للذخائر
- ليعود الوطن المنفي منصوراً إلى أرض الوطن
قصيدة عَلى دَمعِ عَيني مِن فِراقِكَ ناظِر
يقول الشاعر بلبل الحيران الحاجري:
عَلى دَمعِ عَيني مِن فِراقِكَ ناظِرٌ
-
-
- يُرَقرِقُهُ إِن لَم تُرِقهُ المَحاجِرُ
-
فَدَيتُكَ رَبعَ الصَبرِ بَعدَكَ دارِسُ
-
-
- عَلى أَنَّ فيهِ مَنزِلَ الشَوقِ عامِرُ
-
يُمَثِّلُكَ الشَوقُ الشَديدُ لِناظِري
-
-
- فأطرِقُ إِجلالاً كَأَنَّك حاضِرُ
-
وأطوي عَلى حَرِّ الغَرامِ جَوانِحي
-
-
- وَأُظهِرُ أَنّي عَنكَ لاهٍ وَصابِرُ
-
عَجِبتُ لِخالٍ يَعبُدُ النارَ دائِماً
-
-
- بِخَدِّكَ لَم يُحرَق بِها وَهوَ كافِرُ
-
وَأعجَب مِن ذا أن طَرفِكَ مُنذر
-
-
- يُصَدِّقُ في آياتِهِ وَهوَ ساحِرُ
-
أَلا يا لقَومي قَد أَراقَ دَمي الهَوى
-
-
- فَهَل لِقَتيلِ الأَعيُنِ النَجلُ ثائِرُ
-
وَمُذ خَبَّروني أَنَّ غُصناً قَوامُهُ
-
-
- تَيَقَّنتُ أَنَّ القَلبَ مِنّي طائِرُ
-
يَروقُ لِعَيني أَن يَفيضَ غَديرُها
-
-
- إِذا اِنسَدَلَت كَاللَيلِ تِلكَ الغَدائِرُ
-
وَما اِخضَرَّ ذاكَ الخَدُّ نَبتاً وَإِنَّما
-
-
- لِكَثرَةِ ما شُقَّت عَلَيهِ المَرائِرُ
-
قصيدة تركت حبيب القلب لا عن ملاله
تركت حبيب القلب لا عن ملاله
ولكن جفى ذنباً يؤدّي إلى الترك:::
أرى شريكاً في المحبة بيننا
وإيمان قلبي لا يميل إلى الترك:::
تشاغلتم عنّا بصحبة غيرنا
-
-
- وأظهرتم الهجران ما هكذا كنا
-
سأترككم من حيث ما تركتم
-
-
- ونصبر عنكم حق صبركم عنا
-
ونشغل عنكم وقد شغلتم بغيرنا
-
-
- ونجعل قطع الوصل منكم لا منا
-
قصيدة أين قلبي .. هل ضاع بين الزحام
أين قلبي .. هل ضاع بين الزحام
-
-
- أم أغرقته قطرات الريهام
-
سأنحني.. سأبحث عنه تحت أقدام البشر
-
-
- هكذا أنا ضعيفة بين الأنام
-
تهزمني العواطف ويبكيني الغرام
-
-
- سأناديك يا قلبي من بين الظلمات
-
في الدمعة الحزينة
-
-
- في الطائر المهاجر لأرض الأحلام
-
ستجدنى أناديك.. اعذرني
-
-
- لا تلم أوتاري إن عزفت بعدك الأنغام
-
فأنا كما ترى نغمةً وحيدة بين الأوتار
-
-
- والرحيل يطاردني وشبح الخوف يلازمني
-
ونفسي تقاوم الأيام
-
-
- ماذا فعلت كي تجرحني السهام
-
قصيدة ما أصعب أن تبكي بلا دموع
ما أصعب أن تبكي بلا دموع
-
-
- وما أصعـب أن تذهب بلا رجوع
-
وما أصعب أن تشعر بالضيق
-
-
- وكأن المكان من حولك يضيق
-
ما أصعب أن تتكــلم بلا صوت
-
-
- أن تحيى كي تنتظر الموت
-
ما أصعب أن تشعر بالسأم
-
-
- فترى كل من حولك عـدم
-
ويسودك إحسـاس الندم
-
-
- على إثم لا تعرفه وذنب لم تقترفه
-
ما أصعب أن تشعر بالحزن العميـق
-
-
- وكأنه كامنٌ فى داخلك ألم عريـق
-
تستـكمل وحـدك الطـريـق
-
-
- بلا هدفٍ بلا شـريكٍ بلا رفيـقٍ
-
وتصير أنت والحزن والنـدم فريق
-
-
- وتجد وجهك بين الدموع غريق
-