ما هي أحلام اليقظة؟
أحلام اليقظة (Daydreams) بحسب علم النفس ما هي إلا استجابات بديلة عن الاستجابات الحقيقية الواقعية، وغالبًا ما يلجأ إليها الفرد لإشباع دوافعه التي لم يستطع تحقيقها في الواقع، ولو جزئيًا من خلال التخيل؛ مما يخفف شعور الفرد بالقلق والتوتر المرتبط بدوافعه التي يود تحقيقها.
وقد أُجْرِي العديد من الدراسات النفسية حول موضوع أحلام اليقظة، حيث وُجد أن 96% من البالغين يحلمون أحلام اليقظة يوميًا، وتُشكل هذه الأحلام حوالي نصف أفكار الشخص العادي، وأثبت علماء النفس أن أحلام اليقظة هذه تُعد نشاطاً طبيعياً وضرورياً في أغلب الأحيان.1
وبحسب بعض الأبحاث الأخرى، فمن الممكن لأحلام اليقظة أحيانًا أن تتداخل مع الأداء اليومي للفرد، أو تُشير إلى حالة صحية عقلية، خاصة عند الإفراط فيها.2
كيف تتشكل أحلام اليقظة
اُكْتُشِفَت كيفية عمل الدماغ في أثناء أحلام اليقظة صدفةً عند قيام مجموعة من العلماء بدراسة نشاط الدماغ خلال مهام عقلية محددة، حيث تبيّن معهم أن في فترة التوقف بين المهام تُصبح أجزاء معينة من الدماغ أكثر نشاطًا، وتم تفسير ذلك على النحو الآتي:
شبكة الدماغ التنفيذية (Brain executive network) هي المسؤولة عن التعامل مع عمليات حل المشكلات المعقدة والمتقدمة، والتي تُسْتَخْدَم عند التركيز على المهام الخارجية، أما شبكة الدماغ الافتراضية (Brain default network)، فهي التي ترتبط بنشاط دماغي منخفض المستوى، وتكون في أعلى نشاطها عند حدوث أحلام اليقظة.13
الشبكة الافتراضية هذه تتكون من ثلاثة مناطق رئيسية في الدماغ، والتي تُعد مسؤولة عن التحكم والسيطرة على الخيال والذاكرة، أيّ مادة الخام لأحلام اليقظة، ويمكن توضيح عمل هذه المناطق كما يأتي:1
- القشرة الجبهية الأمامية الوسطى (Medial prefrontal cortex): التي تتنشط عند تخيل سيناريوهات معينة، والتي تساعد وتمكن الحالم من تصور الصور بشكل واقعي.
- القشرة الحزامية الخلفية (Posterior cingulate cortex): تتنشط عندما يخطط الشخص للمستقبل، أو عند استعادته لذكرياته الذاتية، وهي ذكريات التفاعلات الاجتماعية التي تشكل قصة هوية الشخص.
- القشرة الجدارية (Parietal cortex): هي التي تصل إلى الذكريات العرضية المخزنة في الحُصين (Hippocampus)، وغالبًا ما ترتبط الذاكرة العرضية بتذكر أحداث أو تجارب معينة، كالتخرج من المدرسة الثانوية، أو الذهاب لأول موعد غرامي، وما إلى ذلك.
أنواع أحلام اليقظة
تُصنّف أحلام اليقظة إلى ثلاثة أنواع، هي:
أحلام اليقظة الإيجابية
هي الأحلام التي يظهر أثرها الإيجابي على الفرد من خلال عملية التحفيز الذاتي والتخطيط المستقبلي ودعم الاستقرار النفسي؛ بحيث تعمل على تنشيط الشق الأيمن من الدماغ وتقوية الروابط العصبية، بالإضافة إلى المساعدة على تقوية الذاكرة، وبالتالي فإنّ الاستثمار السليم لها يساعد الفرد على الإبداع وتنمية مهارة حل المشكلات؛ حيثُ أثبتت الدراسات من خلال التصوير المغناطيسي للمخ أنّ المناطق التي لها صلة بمهارة حل المشكلات تصبح أكثر نشاطًا في أثناء حالة حلم اليقظة.24
أحلام اليقظة المزعجة
غالبًا ما تكون مصاحبة للشعور بالذنب، وتأنيب الضمير وأيّ مشاعر أخرى غير مرغوب فيها، كالخوف، والغضب، والقلق، وغيرها، ومثالًا عليها تخيل الشخص الانتقام من عدو له، أو تخيله لحدث سيئ.51
ضبط الانتباه الضعيف
هذا النوع من أحلام اليقظة من غير الضروري أن يتضمن أحلام اليقظة بحد ذاتها، فمن الممكن أن يكون الشخص أكثر وعيًا فيه من النوعين السابقين، وذلك نتيجة صعوبة التركيز على المهام التي يقوم بها، أو بسبب انقطاع حبل أفكاره مرارا وتكرارا وباستمرار.51
أسباب حدوث أحلام اليقظة
من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث أحلام اليقظة ولجوء البعض إليها:26
- الشعور بالإحباط.
- عدم الثقة بالنفس.
- عدم القدرة على التكيف مع الواقع.
ومن الجدير بالعلم أن هنالك مجموعة من المُحفزات التي تجعل الشخص يدخل عالم أحلام اليقظة، منها: الاستماع للموسيقى، أو مشاهدة الأفلام والمسلسلات المختلفة، أو الشعور بمشاعر معينة.6
فوائد أحلام اليقظة
تتعدد الفوائد المترتبة على أحلام اليقظة، خاصة إذا كانت من النوع الإيجابي، ومن أبرز هذه الفوائد ما يأتي:7
- التقليل من التوتر والقلق: فأحلام اليقظة تُعطي للدماغ فرصة للراحة والاسترخاء من أفكار العالم الخارجي ومشاكله المعقدة.
- المساعدة على حل المشكلات: الهروب من الواقع أحيانًا قد يساهم في تنشيط الدماغ وإعادة حيويته للتمكُن من إيجاد الحلول المناسبة لبعض المشكلات المستعصية التي يصعب التغلب عليها بسهولة.
- التمكن من تحقيق الأهداف: قد يكون لأحلام اليقظة دور في تحقيق الأهداف، فمثلًا الرياضيين والفنانين يستخدمونها للتدرب قبل المباراة أو أداء المهام، فهذا يساعدهم على تدريب عقولهم مسبقًا من أجل الحصول على النتيجة المطلوبة.
- توسيع القدرة على الإبداع: إن إعطاء الدماغ الوقت الكافي للتفكير في المشكلات المختلفة بكل راحة واسترخاء، لا يساعد فقط على إيجاد الحلول المناسبة، بل يجعل الشخص يجد حلول إبداعية للتغلب على هذه المشكلات، كما يجعل الفرد أكثر قدرةً على الابتكار والاكتشاف والاستنتاج.
أضرار أحلام اليقظة
تكمن أضرار أحلام اليقظة عندما يستخدمها الشخص بشكل مفرط بحيث يعيش في عالم من الخيال المتواصل بعيدًا بشكل كبير عن العالم الواقعي والحقيقي، بالإضافة إلى الغرق في عالم الأفكار والصور الخيالية السلبية منها، والتي تؤدي في مراحلها المتقدمة إلى نتائج غير سوية، قد ينجم عنها أمراض مرتبطة بالصحة العقلية والنفسية، وغالبًا ما يُشار إليها باسم أحلام اليقظة المفرطة (Maladaptive daydreaming).2
بحيث ينتج عنها فقدان التركيز، وضعف الانتباه، وفقدان المعلومات والتعليمات المهمة، مما يؤدي إلى تدنّي مستوى الإنجاز الشخصي، كما يظهر ضرر العيش في أحلام اليقظة على الصحة النفسية من خلال التعاطي مع الأفكار السلبية غير السوية بشكل كبير؛ وأكثر الحالات عرضةً لحالة أحلام اليقظة المفرطة، هم الذين يعانون من أحد الأمراض النفسية العقلية الآتية:28
- اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
- الوسواس القهري.
- اضطرابات القلق.
- أنواع معينة من الاكتئاب.
- الاضطرابات الانفصالية.
- اضطرابات الوسواس القهري.
ومن أهم الأعراض والعلامات الصحية التي تظهر على الفرد الذي يعاني حالة أحلام اليقظة المفرطة ما يأتي:4
- تعابير الوجه اللاإرادية.
- حركات الجسم المتكررة.
- الأصوات التي تصاحب أحلام اليقظة.
- أحلام اليقظة تستمر لفترات طويلة من دقائق إلى ساعات.
- صعوبة التركيز.
- مواجهة بعض المشكلات في النوم.
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج “Daydreaming | Definition, Types & Examples”, study. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج “Is Daydreaming Good for You?”, everydayhealth. Edited.
- “Why and How You Daydream”, .psychologytoday. Edited.
- ^ أ ب “Why Daydreaming Might Be Good for You”, waldenu.edu. Edited.
- ^ أ ب “There Are 3 Different ‘Styles’ Of Daydreaming”, businessinsider. Edited.
- ^ أ ب “Understanding maladaptive daydreaming (and 8 ways to treat it)”, calm. Edited.
- “5 Positive Effects of Daydreaming”, verywellmind. Edited.
- “Maladaptive Daydreaming”, clevelandclinic. Edited.