مكان إرساء سفينة نوح
أشار الله -تعالى- إلى المكان الذي رست عليه سفينة نوح -عليه السلام-؛ وهو جبل الجوديّ الذي ورد في القرآن، حيث قال الله -تعالى-: (وَقيلَ يا أَرضُ ابلَعي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقلِعي وَغيضَ الماءُ وَقُضِيَ الأَمرُ وَاستَوَت عَلَى الجودِيِّ وَقيلَ بُعدًا لِلقَومِ الظّالِمينَ)،12 والجوديّ هو جبل في العراق في مدينة الموصل يقع بالقرب من التقاء نهري الدجلة والفرات،3 وقيل إنّه في مدينة الكوفة.4
بناء سفينة نوح وموقف قومه منها
بناء نوح عليه السلام السفينة
استمرّ نوح -عليه السلام- في دعوة قومه إلى توحيد الله -تعالى- وعبادته ألف سنة إلّا خمسين، ورغم هذه الفترة الطويلة في الدعوة إلّا أنّه لم يؤمن معه إلّا قليل،5 حيث كانوا يزعمون أنّ هناك ثلاثة أسباب تمنع نبوّة نوح -عليه السلام-:6
- أوّلها: إنّ نوح -عليه السلام- بشر، ولو أراد الله -تعالى- أن يبعث نبياً لكان أحد الملائكة، حيث قال الله -تعالى-: (فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَـذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً).7
- ثانيها: عدم سماعهم بمبعثه -عليه السلام- من آباءهم وأجدادهم، حيث قال الله -تعالى- على لسانهم: (مَّا سَمِعْنَا بِهَـذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ).7
- ثالثها: اتّهام نوح -عليه السلام- بالجنون، وانتظارهم موته للتخلّص من دعوته، حيث قال -تعالى- على لسانهم: (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ)،86 كما اتّهموه أيضا بالضلال، حيث قال الله -تعالى-: (قالَ المَلَأُ مِن قَومِهِ إِنّا لَنَراكَ في ضَلالٍ مُبينٍ).910
وعندما يئس نوح -عليه السلام- من هداية قومه وإيمانهم وأخذوا باستعجاله بالعذاب الذي كان يتوعّدهم به،11 أوحى الله -تعالى- إليه بالدعاء عليهم، فقال الله -تعالى- على لسانه: (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ)،12 ثمّ أمره الله -تعالى- بصناعة سفينة ليركبها مع أهله والذين آمنوا بنبوّته وصدّقوه فينجوا من الغرق والطوفان ويهلك الكافرين،5 حيث قال الله -تعالى-: (وَاصنَعِ الفُلكَ بِأَعيُنِنا وَوَحيِنا وَلا تُخاطِبني فِي الَّذينَ ظَلَموا إِنَّهُم مُغرَقونَ).1314
فأخذ قومه يستهزئون به لقيامه بصنع سفينة في وسط اليابسة بعيداً عن الماء، ولأنّه أصبح نجارا بعد أن كان نبيّا، قال الله -تعالى-: (وَيَصنَعُ الفُلكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيهِ مَلَأٌ مِن قَومِهِ سَخِروا مِنهُ قالَ إِن تَسخَروا مِنّا فَإِنّا نَسخَرُ مِنكُم كَما تَسخَرونَ* فَسَوفَ تَعلَمونَ مَن يَأتيهِ عَذابٌ يُخزيهِ وَيَحِلُّ عَلَيهِ عَذابٌ مُقيمٌ).1516
الطوفان ونجاة السفينة وهلاك قوم نوح
كان الله -تعالى- قد أخبر نوح -عليه السلام- بأنّه لن يؤمن برسالته إلّا من قد آمن من قبل، فلا يحزن على تكذيبهم له وكفرهم بنبوته،17 حيث قال الله -تعالى-: (وَأوحِيَ إِلى نوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤمِنَ مِن قَومِكَ إِلّا مَن قَد آمَنَ فَلا تَبتَئِس بِما كانوا يَفعَلونَ)،1819 واقترب موعد الطوفان والهلاك وقد كان علامة ذلك فوران الماء من التنور، قال الله -تعالى-: (حَتّى إِذا جاءَ أَمرُنا وَفارَ التَّنّورُ).20[٢١]
فأمر الله -تعالى- نوح -عليه السلام- بأن يحمل معه على السفينة زوجين اثنين من كل نوع من أنواع الحيوانات، وأهله، والذين آمنوا بنبوّته ورسالته، حيث قال الله -تعالى-: (قُلنَا احمِل فيها مِن كُلٍّ زَوجَينِ اثنَينِ وَأَهلَكَ إِلّا مَن سَبَقَ عَلَيهِ القَولُ وَمَن آمَنَ).20[٢١]
المراجع
- سورة هود، آية:44
- الفيروزآبادي، تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 185. بتصرّف.
- عبد الراضي عبد المحسن، لغارة التنصيرية على أصالة القرآن الكريم، السعودية:مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، صفحة 125. بتصرّف.
- الشعراوي (1997)، تفسير الشعراوي، مصر:أخبار اليوم، صفحة 6478، جزء 11. بتصرّف.
- ^ أ ب وهبة الزحيلي (1422)، التفسير الوسيط (الطبعة 1)، دمشق:دار الفكر، صفحة 1685، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب وهبة الزحيلي (1422)، التفسير الوسيط (الطبعة 1)، دمشق:دار الفكر، صفحة 1684، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة المؤمنون، آية:24
- سورة المؤمنون، آية:25
- سورة الأعراف، آية:60
- مجموعة من المؤلفين، التفسير الموضوعي، ماليزيا:جامعة المدينة العالمية، صفحة 372. بتصرّف.
- وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير (الطبعة 2)، دمشق:دار الفكر، صفحة 61، جزء 12. بتصرّف.
- سورة القمر، آية:10
- سورة هود ، آية:37
- محمد الخطيب (1383)، أوضح التفاسير (الطبعة 6)، مصر: المطبعة المصرية ومكتبتها، صفحة 267. بتصرّف.
- سورة هود، آية:38-39
- وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير (الطبعة 2)، دمشق:دار الفكر، صفحة 66، جزء 12. بتصرّف.
- وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير (الطبعة 2)، دمشق:دار الفكر، صفحة 67، جزء 12. بتصرّف.
- سورة هود، آية:36
- محمد الصابوني (1417)، صفوة التفاسير (الطبعة 1)، القاهرة:دار الصابوني، صفحة 12، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة هود، آية:40
- ^ أ ب محمد طنطاوي (1997)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة 1)، القاهرة:دار نهضة مصر ، صفحة 28، جزء 10. بتصرّف.