حكم النذر بالمباحات
يجب الوفاء بالنذر إن كان في طاعة أو قربة لله تعالى، كالنذر بالصلاة أو بالصوم لو شفي من مرضه، ويحرم الوفاء بالنذر إن كان في معصية لله تعالى، كالنذر بالسرقة أو بشرب الخمر، لقول النبي: “مَن نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، ومَن نَذَرَ أنْ يَعْصِيَهُ فلا يَعْصِهِ”،2 وأما بالنسبة للنذر المباح فتعددت أقوال العلماء في حكم انعقاده، ولزومه، ولزوم الكفارة عليه، وبيانه كالآتي:34
- القول الأول: ذهب الجمهور من الحنفية والحنابلة، إلى انعقاد النذر بالمباحات، واعتبروه كاليمين، فالناذر مخير بين الوفاء بالنذر، وبين عدم الوفاء بالنذر والتكفير عنه، لما روي بأن امرأة نذرت على نفسها بأن تضرب بالدف إذا رجع النبي صلى الله عليه وسلم- فرحاً بعودته، فأذن لها النبي بذلك، وأخبرها بأن تفي بنذرها الذي نذرته، فقال: “أوفِ بنذرِكِ”.5
- القول الثاني: ذهب المالكية والشافعية، إلى عدم انعقاد النذر بالمباحات؛ لأنها ليست طاعة أو قربة لله، فالنذر المنعقد هو ما كان فيه قربة لله تعالى، لقول النبي: “ولا نذرَ إلَّا فيما ابتُغِيَ بِهِ وجهُ اللَّهِ تعالى ذِكْرُهُ”،6 حيث لا تُعَد المباحات من القربات التي يتقرب بها العبد من ربه، وبالتالي فلا يترتب عليها كفارة بتركها وعدم الوفاء بها، واستدلوا أيضاً بما روي في السنة: “أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَأَى شيخًا يُهَادَى بيْنَ ابْنَيْهِ، قالَ: ما بَالُ هذا؟ قالوا: نَذَرَ أنْ يَمْشِيَ، قالَ: إنَّ اللَّهَ عن تَعْذِيبِ هذا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ. وأَمَرَهُ أنْ يَرْكَبَ”،7 فالنبي -عليه الصلاة والسلام- استنكر فعل الرجل وتعذيبه لنفسه، وأمره بالركوب، ولم يأمره بالكفارة.
كفارة النذر
تجب الكفارة في حال عدم الوفاء بالنذر، وكفارة النذر هي ذاتها كفارة اليمين؛ حيث إن النذر له حكم اليمين، لقول النبي: “كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ اليَمِينِ”،8 فمن نذر ولم يفي بنذره فيكفر كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو عتق رقبة، ومن عجز عن الإطعام أو الكسوة أو العتق، فعليه صيام ثلاثة أيام، لقوله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ).91011
المراجع
- “النذر المباح…تعريفه..حكم لزومه وكفارته”، إسلام ويب، 5/5/2002، اطّلع عليه بتاريخ 23/2/2022. بتصرّف.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6696، صحيح.
- عبد الرقيب صالح محسن الشامي، الكفارات أحكام وضوابط، صفحة 86-87. بتصرّف.
- محمد عبد العزيز بن علي الشاذلي الخَوْلي ، الأدب النبوي، صفحة 186-187. بتصرّف.
- رواه الألباني ، في إرواء الغليل، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم:2588، صحيح.
- رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم:2192، حسن.
- رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم:1865، صحيح.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عامر ، الصفحة أو الرقم:1645، صحيح.
- سورة المائدة، آية:89
- ناصر الحلواني (1/9/2010)، “النذر أنواعه وأحكامه”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 23/2/2022. بتصرّف.
- سيد سابق، فقه السنة، صفحة 42. بتصرّف.