صحة حديث (الغيبة أشد من الزنا)
ورد نصّ الحديث بروايتين لم يَحكم بصحتهما أحد من العلماء، آتيًا ذكرهما:
- أخرج الألباني في ضعيف الترغيب عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الغِيبةُ أشَدُّ من الزِّنا قِيلَ: وكَيفَ؟ قال: الرَّجلُ يَزْنِي ثُم يَتوبُ اللهُ عليه، وإنَّ صاحِبَ الغِيبةِ لا يُغفَرُ له حتى يِغفِرَ له صاحِبُه)،1 وقال حديث ضعيف، والحديث أخرجه البيهقي باختلاف يسير وقال إسناده ضعيف.2 وأخرجه ابن حبّان وقال فيه عباد بن كثير الكاهلي حذر منه الثوري وقال ابن معين ليس بشيء في الحديث وأبو رجاء الخرساني لا شيء.3
- أخرج الذّهبي عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قالا: (الغيبةُ أشدُّ من الزنا؛ لأنَّ المغتابَ لا يُغْفَرُ لهُ حتى يغفرَ لهُ صاحبُه)،4 وقال فيه عبّاد وهو محكوم بجرحه.
أحاديث صحيحة في تحريم الغيبة
وردت أحاديث عدّة صحيحة في تحريم الغيبة والتحذير منها، نستعرض بعضها فيما يلي:5
- ما رُوي عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كُنَّا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وارْتَفَعَتْ رِيحٌ خَبيثَةٌ مُنْتِنَةٌ فقال أَتَدْرُونَ ما هذه؟ هذه رِيحُ الذينَ يَغْتَابُونَ المؤمنينَ).6
- ما رُوي عن أبي برزة الأسلميّ -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يا معشرَ من آمنَ بلسانِه ولم يدخلْ الإيمانُ قلبَه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتَّبعوا عوراتِهم، فإنه من اتَّبعَ عوراتِهم يتَّبعُ اللهُ عورتَه، ومن يتَّبعِ اللهُ عورتَه يفضحُه في بيتِه).7
- ما رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لما عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخْمِشون وجوهَهم وصدورَهم، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومِ الناسِ، ويقعون في أعراضِهم).8
حكم الغيبة
الغيبة هي أن يذكر الإنسان أخاه بما يكره سواء كان الكلام فيه أو لم يكن، وأنه لا خلاف بين أهل العلم في تحريم الغيبة لورود النصوص الشرعية الصريحة بتحريمها، وعدّها أهل العلم من كبائر الذنوب المهلكة في الدنيا والآخرة.9
الحالات التي تجوز فيها الغيبة
استثنى أهل العلم أحوال تجوز فيها الغيبة بشرط عدم تعدي المُستغيب في حق المُغتاب، ومن هذه الحالات نذكر ما يلي:1011
- الغيبة من باب شكوى الظلم: فتجوز الغيبة إذا كانت من باب شكوى ظلم المُغتاب عند من يُرجى منه نصر المظلوم كالشكوى للقاضي ونحوه.
- الغيبة لأجل التحذير من المُغتاب: وهذا يكون من باب إنكار المنكر، وذلك لدفع أذاه وضرره عن الخلق، كما وفي ذلك منفعة للمجتمع بتقليل المشكلات والخلافات بين أفراده.
- الغيبة من باب التعريف بالشخص: فتكون من باب التعريف به كأن يكون أعمى أو أصم أو أحول فيذكر بلقبه دون أن يكون إطلاق اللقب عليه من باب السخرية أو التعيير به ونحوه.
- الغيبة لأجل الفتيا: تجوز الغيبة إذا كان لأجل الفتيا كأن يقول السائل: “ظلمني أخي”؛ ذلك أنّه ينبغي للسائل أن يفصل في سؤاله ويذكر حاجته ليستطيع المفتي أن يفتي له ويجبه عن سؤاله، ولكن دون التعدي في غيبة الشخص.
المراجع
- رواه الألباني، في ضعيف الترغيب، عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1690، حديث ضعيف.
- رواه البيهقي ، في شعب الإيمان، عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:2298، إسناده ضعيف.
- رواه ابن حبان، في المجروحين، عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:158، فيه عباد بن كثير الكاهلي حذر منه الثوري وقال ابن معين ليس بشيء في الحديث وأبو رجاء الخرساني لا شيء.
- رواه الذهبي ، في ميزان الإعتدال، عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:372، فيه عباد بن كثير الثقفي ذكر من جرحه.
- محمد اسماعيل المقدم، الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام، صفحة 19-21.
- رواه الألباني، في صحيح الأدب المفرد، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:562، حديث حسن.
- رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي برزة الأسلمي، الصفحة أو الرقم:4880، حديث حسن صحيح.
- رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أنس بن مالك.، الصفحة أو الرقم:4878، حديث صحيح.
- محمد اسماعيل المقدم، الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام، صفحة 18-19. بتصرّف.
- “الحالات التي تجوز فيها الغيبة”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022. بتصرّف.
- “الغيبة والنميمة وما يتعلق بهما من أحكام”، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 12/2/2022. بتصرّف.