تعريف الاستغفار
الاستغفار في اللغة مصدر من الفعل استغفر، وهو طلب المغفرة والعفو من الله تعالى،1 أمّا معنى الاستغفار في الاصطلاح؛ فهو لا يخرج عن معناه اللغوي بأن يقصد العبد ويلجأ إلى طلب المغفرة والعفو والصفح والعون من الله تعالى، ويعدّ الاستغفار من أفضل وأعظم أنواع الذكر؛ لذا حثّ الله تعالى عليه عباده في كتابه العزيز، كما في قوله تعالى: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا).23
ما فضل الاستغفار في إجابة الدعاء؟
إنّ للاستغفار فضائل وفوائد عديدةٌ من أبرزها أنّه -بإذن الله- سببٌ من أسباب إجابة الدعاء، ووردت في القرآن الكريم والسنة النبوية مجموعةٌ من الأدلة التي تؤكّد ذلك، ومنها:4
- قول الله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)؛5 حيث أشارت هذه الآية الكريمة إلى أنّ الله تعالى قد جعل في الاستغفار تلبية لدعوات الناس وحاجاتهم من إنزال المطر، والرزق بالمال والذرية، كما وقد أشار الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه الجواب الكافي إلى ذلك بقوله: “وإذا جمع مع الدعاء حضور القلب، وجمعيته بكليته على المطلوب، وصادف وقتًا من أوقات الإجابة الستة، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة، والاستغفار، فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدًا”.
- قول الله تعالى: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ)؛6 حيث تُشير الآية إلى أنّ الاستغفار مداعاة لتحقيق رغبات الإنسان ودعواته من المتاع وتحصيل الفضل.
- قول الله تعالى: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ)؛7 تدل الآية على أنّ الاستغفار والتوبة سبيل إجابة الدعوات بتحقيق الرزق والقوة.
- حث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- على الإكثار من الدعاء في السجود؛ وذلك لأنّ العبد أقرب ما يكون إلى ربه في سجوده، حيث قال: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ)،8 وكان من دعائه في السجود: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ، وجِلَّهُ، وأَوَّلَهُ وآخِرَهُ وعَلانِيَتَهُ وسِرَّهُ)؛9 فيظهر من ذلك أنّ رسول الله كان يلجأ إلى الاستغفار والدعاء في السجود؛ لما في ذلك من مظنة إجابة الدعاء.10
- الاستغفار يمحو الذنوب -بإذن الله تعالى- مما يجعل العبد معه أنقى وأطهر؛ فيكون ذلك مدعاةً لإجابة الله تعالى لدعائه.11
صيغ الاستغفار
يتحقّق الاستغفار ويحصل بإحدى الصيغ المأثورة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- والتي منها:12
- ما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: (من قال: أستغفرُ اللهَ العظيمَ الذي لا إلهَ إلَّا هو الحيَّ القيومَ وأتوبُ إليه غُفِرَ له وإنْ كان فرَّ من الزحفِ).13
- صيغة سيد الاستغفار، حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ).14
ثمار الاستغفار وفضله
وردت نصوص شرعيةٌ كثيرةٌ في القرآن الكريم والسنة النبوية تحث على الاستغفار، وكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ملازمًا للاستغفار ومكثرًا منه؛ مما يدل على فضله؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً)،15 ومن فوائد وثمرات الاستغفار ما يلي:1617
- الاستغفار سبب للرزق وتفريج الهم وإجابة الدعاء؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن لزِم الاستغفارَ جعل اللهُ له من كلِّ همٍّ فرجًا ومن كلِّ ضيقٍ مخرجًا ورزَقه من حيثُ لا يحتسبُ).18
- الاستغفار وسيلةٌ لتنقية القلب وتطهيره من الذنوب والمعاصي.
- الاستغفار سبب لدخول الجنة والنجاة من النار، وسبب لرفعة الدرجات بإذن الله تعالى.
- الاستغفار سببٌ من أسباب النصر -بإذن الله تعالى-، كما جاء في قوله تعالى: (وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).19
المراجع
- “تعريف و معنى استغفار في معجم المعاني الجامع”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 15-1-2022. بتصرّف.
- سورة النصر، آية:3
- “منزلة الاستغفار”، إسلام ويب، 22/10/2003، اطّلع عليه بتاريخ 7/8/2024. بتصرّف.
- “الاستغفار بنية إجابة الدعاء”، إسلام ويب، 6/3/2018، اطّلع عليه بتاريخ 7/8/2024. بتصرّف.
- سورة نوح، آية:10-12
- سورة هود، آية:3
- سورة هود، آية:52
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:482 ، صحيح.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:483، صحيح.
- “الدعاء في السجود ليس له حد محدود”، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 15-1-2022. بتصرّف.
- “أثر الاستغفار في إجابة الدعاء”، الإسلام سؤال وجواب، 9/7/2023، اطّلع عليه بتاريخ 7/8/2024. بتصرّف.
- مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 909. بتصرّف.
- رواه زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في سنن الترمذي، عن الترمذي، الصفحة أو الرقم:3577، صححه الألباني.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:6323 ، صحيح.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6307 ، صحيح.
- مظهر الدين الزيداني، المفاتيح في شرح المصابيح، صفحة 171. بتصرّف.
- أبو حاتم سعيد القاضي (11/10/2018)، “عشر ثمار لمن لزم الاستغفار”، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 7/8/2024.
- رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1518، سكت عنه وقال في المدقة أن ما سكت عنه فهو صالح.
- سورة آل عمران، آية:147-148