ألا ليت ريعان الشّباب جديد
يقول جميل بثينة:
ألا ليت ريعان الشّباب جديد
-
-
- ودهراً تولّى – يا بثين – يعود
-
فنبقى كما كنّا نكون وأنتمو
-
-
- قريبٌ وإذ ما تبذلين زهيد
-
وما أنسى الأشياء لا أنسى قولها
-
-
- وقد قربت نضوي: أمصر تريد
-
ولا قولها لولا العيون التي ترى
-
-
- لزرتك فاعذرني فدتك جدود
-
خليليّ ما ألقى من الوجد باطن
-
-
- ودمعي – بما أخفي الغداة – شهيد
-
إذا قلتُ ما بي يا بثينة قاتلي
-
-
- من الحب قالت: ثابت ويزيد
-
وإن قلت: ردّي بعض عقلي أعش به
-
-
- تولّت وقالت: ذاك منك بعيد
-
فلا أنا مردودٌ بما جئت طالباً
-
-
- ولا حبّها فيما يبيد يبيد
-
جزتك الجوازي يا بثين سلامة
-
-
- إذا ما خليل بان وهو حميد
-
وقلت لها: بيني وبينك فاعملي
-
-
- من الله ميثاق له وعهود
-
وقد كان حبيكم طريفاً وتالداً
-
-
- وما الحبّ إلا طارفٌ وتليد
-
وإنّ عروض الوصل بيني وبينها
-
-
- وإن سهلته بالمنى لكؤود
-
وأفنيت عمري بانتظاري وعدها
-
-
- وأبليت فيها الدّهر وهو جديد
-
ويحسب نسوان من الجهل أنّني
-
-
- إذا جئت إيّاهن كنت أريد
-
فأقسم طرفي بينهن فيستوي
-
-
- وفي الصّدر بون بينهن بعيد
-
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلةً
-
-
- بوادي القرى إنّي إذاً لسعيد
-
وهل أهبطنّ أرضاً تظلّ رياحها
-
-
- لها بالثّنايا القاويات وئيد
-
وهل ألقين سعدي من الدّهر مرّةً
-
-
- وما رثّ من حبل الصّفاء جديد
-
وقد تلتقي الأشتات بعد تفرّقٍ
-
-
- وقد تدرك الحاجات وهي بعيد
-
إذا جئتها يوماً من الدّهر زائراً
-
-
- تعرض منفوض اليدين صدود
-
يصدّ ويغضي عن هواي ويجتني
-
-
- ذنوباً عليها إنّه لعنود
-
فأصرمها خوفاً كأنّي مُجانب
-
-
- ويغفل عنّا مرة فعنود
-
ومن يعط في الدّنيا قريناً كمثلها
-
-
- فذلك في عيش الحياة رشيد
-
يموت الهوى مني إذا ما لقيتها
-
-
- ويحيا إذا فارقتها فيعود
-
يقولون: جاهد يا جميل بغزوة
-
-
- وأيّ جهادٍ غيرهنّ أريد
-
لكلّ حديث عندهنّ بشاشة
-
-
- وكلّ قتيل عندهنّ شهيد
-
وأحسن أيّامي وأبهج عيشتي
-
-
- إذا هيّج بي يوماً وهو قعود
-
تذكّرت ليلى فالفؤاد عميد
-
-
- وشطّت نواها فالمزار بعيد
-
علقت الهوى منها وليداً فلم يزل
-
-
- إلى اليوم يُنمّي حبّها ويزيد
-
فما ذكر الخلّان إلّا ذكرتها
-
-
- ولا البخل إلا قلت سوف تجود
-
إذا فكرت قالت: قد أدركت ودّه
-
-
- وما ضرّني بخلي فكيف أجود
-
فلو تكشف الأشياء صودف تحتها
-
-
- لبثنة حبٌّ طارف وتليد
-
ألم تعلمي يا أم ذي الودع أنّني
-
-
- أضاحك ذكراكم وأنت صلود
-
فهل القين فرداً بثينة ليلة
-
-
- تجود لنا من ودّها ونجود
-
ومن كان في حبّي بثينة يمتري
-
-
- فبرقاء ذي ضال عليّ شهيد
-
ألا تجلسين قليلاً
يقول نزار قباني:
- ألا تجلسين قليلاً
- ألا تجلسين؟
- فإنّ القضية أكبر منك وأكبر منّي
- كما تعلمين
- وما كان بيني وبينك
- لم يك نقشاً على وجه ماء
- ولكنّه كان شيئاً كبيراً كبيراً
- كهذي السّماء
- فكيف بلحظة ضعفٍ
- نريد اغتيال السّماء؟
- ألا تجلسين لخمس دقائق أخرى؟
- ففي القلب شيءٌ كثير
- وحزنٌ كثيرٌ
- وليس من السّهل قتل العواطف في لحظات
- وإلقاء حبّك في سلّة المهملات
- فإن تراثاً من الحبّ والشّعر والحزن
- والخبز والملح والتّبغ والذّكريات
- يحاصرنا من جميع الجهات
- فليتك تفتكرين قليلاً بما تفعلين
- فإنّ القضية
- أكبر منك وأكبر منّي
- كما تعلمين
- ولكنّني أشعر الآن أنّ التشنّج ليس علاجاً
- لما نحن فيه
- وأنّ الحمامة ليست طريق اليقين
- وأنّ الشّؤون الصّغيرة بيني وبينك
- ليست تموت بتلك السّهولة
- وأنّ المشاعر لا تتبدّل مثل الثّياب الجميلة
- أنا لا أحاول تغيير رأيك
- إنّ القرار قرارك طبعاً
- ولكنّني أشعر الآن أن جذورك تمتدّ في القلب
- ذات الشّمال، وذات اليمين
- فكيف نفكّ حصار العصافير والبحر
- والصّيف والياسمين؟
- وكيف نقصّ بثانيتين
- شريطاً غزلناه في عشرات السّنين؟
- أنا لست ضدّ رحيلك لكن
- أفكّر أنّ السّماء ملبدةٌ بالغيوم
- وأخشى عليك سقوط المطر
- فماذا يضيرك لو تجلسين
- لحين انقطاع المطر؟
- وما يضيرك
- لو تضعين قليلاً من الكحل فوق جفونك؟
- أنت بكيت كثيراً
- ومازال وجهك رغم اختلاط دموعك بالكحل
- مثل القمر
أنا لست ضدّ رحيلك
- لكن
- لدي اقتراح بأن نقرأ الآن شيئاً من الشّعر
- علّ قليلٌ من الشّعر يكسر هذا الضّجر
- تقولين إنّك لا تعجبين بشعري
- سأقبل هذا التّحدي الجديد
- بكل برودٍ وكل صفاء
- وأذكر
- كم كنت تحتفلين بشعري
- وتحتضنين حروفي صباح مساء
- وأضحك
- من نزوات النّساء
- فليتك سيدتي تجلسين
- فإنّ القضية أكبر منك وأكبر منّي
- كما تعلمين
- أما زلت غضبى؟
- إذاً سامحيني
- فأنت حبيبة قلبي على أيّ حال
- سأفرض أني تصرّفت مثل جميع الرّجال
- ببعض الخشونة
- وبعض الغرور
:فهل ذاك يكفي لقطع جميع الجسور؟
- وإحراق كلّ الشّجر
- أنا لا أحاول ردّ القضاء وردّ القدر
- ولكنّني أشعر الآن
- أن اقتلاعك من عصب القلب صعبٌ
- وإعدام حبّك صعبٌ
- وعشقك صعبٌ
- وكرهك صعبٌ
- وقتلك حلمٌ بعيد المنال
- فلا تعلني الحرب
- إنّ الجميلات لا تحترفن القتال
- ولا تطلقي النّار ذات اليمين
- وذات الشّمال
- ففي آخر الأمر
- لا تستطيعي اغتيال جميع الرّجال.
أتعْرِفُ رسمَ الدارِ
يقول طرفة بن العبد:
أتعْرِفُ رسمَ الدارِ قَفْراً مَنازِلُهْ
-
-
- كجَفْنِ اليمانِ زَخرَفَ الوشيَ ماثلُهْ
-
بتثلِيثَ أوْ نَجرَانَ أوْ حيثُ تَلتقي
-
-
- منَ النّجْدِ في قِيعانِ جأشٍ مسائلُه
-
دِيارٌ لِسلْمى إذ تصِيدُكَ بالمُنى
-
-
- وإذ حبلُ سلمى منكَ دانٍ توَاصُلُه
-
وإذ هيَ مثلُ الرّئمِ، صِيدَ غزالُها
-
-
- لـها نَظَرٌ ساجٍ إليكَ تُوَاغِلُهْ
-
غَنِينا وما نخشى التّفرّقَ حِقبَةً
-
-
- كِلانا غَريرٌ ناعِمُ العيش باجِلُه
-
لَيَاليَ أقْتادُ الصِّبا ويَقُودُني
-
-
- يَجُولُ بنَا رَيعانُهُ ويُحاوِلُه
-
سَما لكَ من سلْمى خَيالٌ ودونَها
-
-
- سَوَادُ كَثِيبٍ عَرْضُهُ فأمايِلُهْ
-
فذُو النّيرِ فالـأعلامُ من جانبِ الحِمى
-
-
- وقُفٌّ كظَهْرِ التُّرْسِ تجري أساجلـه
-
وأنّى اهْتَدَتْ سلمى وَسائلَ بَيننا
-
-
- بَشاشَةُ حُبٍّ، باشرَ القلبَ داخِلُهْ
-
كم دُونَ سَلمى من عدُوٍّ وبلدةٍ
-
-
- يَحارُ بها الـهادي، الخفيفُ ذلاذلُه
-
يَظَلُّ بها عَيرُ الفَلاةِ، كأنّهُ
-
-
- رقيبٌ يُخافي شَخْصَهُ ويُضائلُهْ
-
وما خِلْتُ سلمى قبلَها ذاتَ رِجلةٍ
-
-
- إذا قَسْوَرِيُّ الليلِ جِيبَتْ سَرَابلـهْ
-
وقد ذَهَبَتْ سلمى بعَقْلِكَ كُلّهِ
-
-
- فهَلْ غيرُ صَيدٍ أحْرَزَتْهُ حَبائِلـه
-
كما أحْرَزَتْ أسْماءُ قلبَ مُرَقِّشٍ
-
-
- بحُبٍّ كلمْعِ البَرْقِ لاحتْ مَخايلـه
-
وأنْكَحَ أسْماءَ المُرَاديَّ، يَبْتَغي
-
-
- بذلكَ، عَوْفٌ أن تُصَابَ مُقاتِلـه
-
فلمّا رأى أنْ لا قَرارَ يُقِرُّهُ
-
-
- وأنّ هَوَى أسْماءَ لا بُدّ قاتِلـه
-
تَرَحّلَ مِنْ أرْضِ العرَاقِ مُرَقِّشٌ
-
-
- على طَرَبٍ، تَهْوي سِراعاً رواحِلـه
-
إلى السّرْوِ أرضٌ ساقه نحوها الـهوى
-
-
- ولم يَدْرِ أنّ الموْتَ بالسّرْوِ غائلـه
-
فغودِرَ بالفَرْدَين: أرضٍ نَطِيّةٍ
-
-
- مَسيرَةِ شهْرٍ دائبٍ لا يُوَاكِلـه
-
رُدَّت الروحُ على المُضْنَى معكْ
-
-
- للشّاعر أحمد شوقي
-
رُدَّتِ الرُّوحُ على المُضْنَى
-
-
- معكْ أحسنُ الأيام يومُ أرجعكْ
-
مرَّ من بُعدِكَ ما روعني
-
-
- أترى يا حلو بُعدي روعكْ؟
-
كم شكوت ُالبين باللّيل إلى
-
-
- مطلع الفجر عسى أن يطلعكْ
-
وبعثتُ الشّوق في ريح الصّبا
-
-
- فشكا الحرقة ممّا استودعكْ
-
يا نعيمي وعذابي في الهوى
-
-
- بعذولي في الهوى ما جَمَعَكْ؟
-
أنت روحي ظلمَ الواشي الذي
-
-
- زعمَ القلب سَلا أو ضيعكْ
-
مَوقِعي عندكَ لا أعلمه
-
-
- آه لو تعلم عندي موقعكْ
-
أرجفوا أنّك شاكٍ موجَعٌ
-
-
- ليت لي فوق الضّنا ما أوجعك ْ
-
نامتِ الأعين إلا مقلةً
-
-
- تسكبُ الدّمع وترعى مضجعكْ
-
مُضْنَّى وليس بهِ حَرَاكْ
يقول الشاعر أحمد شوقي:
مُضْنَّى وليس بهِ حَرَاكْ
-
-
- لكن يخفُّ إذا رآك
-
ويميلُ من طرب إذا
-
-
- ما ملتَ يا غُصنَ الأراك
-
إنّ الجمال كسَاك من
-
-
- ورق المحاسن ما كَسَاكْ
-
ونبتَّ بين جوانحي
-
-
- والقلب من دمه سقاكْ
-
حلو الوعود متى وفاك؟
-
-
- أتراك منجزها تراكْ؟
-
مِنْ كل لفظ لو أذِنـ
-
-
- تَ لأجله قبلتُ فاكْ
-
أخذ َ الحلاوة عن ثنا
-
-
- ياك العِذابِ، وعن لماكْ
-
ظلماً أقول: جَنَى الهوى
-
-
- لم يَجْنِ إلا مقلتاكْ
-
غدتا منيّة من رأيتَ
-
-
- و رحت منيةَ من رآكْ
-
كَيْفَ السّبِيلُ إلى طَيْفٍ يُزَاوِرُهُ
يقول أبو فراس الحمداني:
كَيْفَ السّبِيلُ إلى طَيْفٍ يُزَاوِرُهُ
-
-
- والنّوْمُ، في جُملَة ِ الأحبابِ، هاجرُهُ؟
-
الحبُّ آمرهُ والصونُ زاجرهُ
-
-
- وَالصَّبْرُ أوّلُ مَا تَأتي أوَاخِرُهُ
-
أنَا الّذي إنْ صَبَا أوْ شَفّهُ غَزَلٌ
-
-
- فللعفافِ وللتقوى مآزرهُ
-
وأشْرَفُ النّاسِ أهْلُ الحُبّ منزِلَة ً
-
-
- وَأشرَفُ الحُبّ مَا عَفّتْ سَرَائِرُهُ
-
ما بالُ ليليَ لا تسري كواكبهُ
-
-
- وَطَيْف عَزّة َ لا يَعْتَادُ زَائِرُهُ؟
-
منْ لا ينامُ ، فلا صبرٌ يؤازرهُ
-
-
- و لا خيالٌ ، على شحطٍ ، يزاوره ُ
-
يَا سَاهِراً، لَعِبَتْ أيْدِي الفِرَاقِ به
-
-
- فالصبرُ خاذلهُ والدمعُ ناصرهُ
-
إنَّ الحبيبَ الذي هامَ الفؤادُ بهِ
-
-
- يَنَامُ عَن طُولِ لَيلٍ، أنتَ ساهرُهُ
-
ما أنسَ لا أنسَ يومَ البينِ موقفنا
-
-
- والشّوْقُ يَنهَى البُكَى عنّي وَيأمُرُهُ
-
و قولها ودموعُ العينِ واكفة:
-
-
- هَذَا الفِرَاقُ الّذِي كُنّا نُحَاذِرُهُ
-
هلْ أنتِ يا رفقة َ العشاقِ مخبرتي
-
-
- عنِ الخليطِ الذي زمتْ أباعرهُ؟
-
وَهَلْ رَأيتِ أمَامَ الحَيّ جَارِيَة ً
-
-
- كالجُؤذَرِ الفَرْدِ تَقفُوهُ جآذِرُهُ؟
-
و أنتَ يا راكباً يزجي مطيتهُ
-
-
- يَسْتَطْرِقُ الحَيَّ لَيْلاً أوْ يَباكِرُهُ
-
إذا وصلتَ فعرضْ بي وقلْ لهمُ:
-
-
- هَلْ وَاعِدُ الوَعدِ يَوْمَ البَينِ ذاكِرُهُ؟
-
ما أعجبَ الحبَّ يمسي طوعَ جارية ً
-
-
- في الحيِّ منْ عجزتْ عنهُ مساعرهُ
-
وَيَتّقي الحَيَّ مِنْ جَاءٍ وَغَادِية ٍ
-
-
- كيفَ الوصولِ إذا ما نامَ سامرهُ؟
-
يا أيّها العاذِلُ الرّاجي إنَابَتَهُ
-
-
- والحبُّ قدْ نشبتْ فيهِ أظافرهُ
-
لا تشغلنَّ ؛ فما تدري بحرقتهِ
-
-
- أأنتَ عاذلهُ؟ أمْ أنتَ عاذرهُ؟
-
و راحلٍ أوحشَ الدنيا برحلتهِ
-
-
- و إنْ غدا معهُ قلبي يسايرهُ
-
هلْ أنتَ مبلغهُ عني بأنَّ لهُ
-
-
- وداً تمكنَ في قلبي يجاورهُ؟
-
وأنّني منْ صفتْ منهُ سرائرهُ
-
-
- وَصَحّ بَاطِنُهُ مِنهُ وَظَاهِرُهُ؟
-
وضع غير مُعرَب
يقول جميل الحبيب:
سمراء يا سمراء طولُ تجاهلي
-
-
- للنار لن يُبقي على الأحطابِ
-
كلا فعطرك قد يموج فحاذري
-
-
- قد تُشعل الدنيا بعود ثقاب
-
ضوء الصبا في عارضيك محرِّضٌّ
-
-
- فلتحسبي للضوء ألف حسابِ
-
غرباءُ لكنْ دار في أغوارنا
-
-
- بالأمس سرُّ تآلفِ الأغرابِ
-
شفةٌ تسائل عن حبيب غائبٍ
-
-
- عنها، فهل أمنتْ شرور جوابي؟
-
هذي الشّفاه التاركات أصابعي
-
-
- في الجمر لن تمضي بغير عقابِ
-
إن لم أذقهُ النّهرَ لا فرقٌ إذاً
-
-
- مابين نهرٍ قد بدا وسرابِ
-
إنّي لآمل أن أعانق لونهُ
-
-
- لكنْ بأنفاسٍ لديّ غضابِ
-
إنّي لأنوي أن أغيب لبرهةٍ
-
-
- فيه وأخشى أن يطول غيابي
-
عيناك عشب الصّيف حيث يطيب لي
-
-
- في الصّيف أن أغفو على الأعشابِ
-
لا تسألي ما اسمي، أتيتُ إلى هنا
-
-
- هرباً من الأسماء والألقابِ
-
عار على التّاريخ ينكر خمرتي
-
-
- فلقد يكون العيب في الأكواب
-
سئمتْ من السفر البعيد أصاحبي
-
-
- وسئمتُ من سفري ومن أصحابي
-
هم علّموني كيف أصبح (حاوياً)
-
-
- وهمو وراء بذاءتي وسِبابي
-
هاتي يديك فلو لمست حقيقتي
-
-
- لم تطرقي حيرى ولم ترتابي
-
إنّي سياج الشّوك من دوني أنا
-
-
- ماذا ستصنع زهرة ٌفي غابِ
-
هيَ صُحبةٌ للشّرب فهْو يريدني
-
-
- وأريد بعض الثلج عند شرابي
-
وأحب ضوء الفجر وهْو مذوّبٌ
-
-
- وأحب فجر الضوء غير مُذابِ
-
قومي بتجربتي وأعرف جيداً
-
-
- من سوف تقرع عن قريبٍ بابي
-
في كل جزء منك سوف أخطّ لي
-
-
- درباً سيكفل جيئتي وذهابي
-
سيفوق فعلي الصدقَ حتى تهتفي:
-
-
- ماذا فعلتَ؟! لُعِنتَ من كذّابِ!
-
ابكي إذا اشتدّت عليك لذاذةٌ
-
-
- أنا في البكاء أضعتُ جلّ شبابي
-
لا ترفضي عرضي فكم من نجمةٍ
-
-
- تنوي اقتناص اللّيل تحت قبابي
-
لا لا تعيدي لي الصّواب فمن أنا
-
-
- أو من أكون إذا استعدتُ صوابي
-
لا تسأليني كيف أعرب وضعنا
-
-
- إنّي ضعيف الحال في الإعرابِ
-
هلا تَذَكَّرَني حَبيبٌ ناسي
يقول صالح مجدي بك:
هلا تَذَكَّرَني حَبيبٌ ناسي
-
-
- قاطَعتُ أَهلي في هَواه وَناسي
-
أَو كُلَّما أَمّلتُ مِنهُ مَوعِداً
-
-
- خابَ الرَجا فيهِ فَلَيسَ يُواسي
-
وَجدي بِهِ نامٍ وَشَوقي زائدٌ
-
-
- وَصُدوده أَوهَى جَميع حَواسي
-
وَالجسم كادَ يَذوب مِن فَرط الجَفا
-
-
- لَولا مُعالجةُ الطَبيب الآسي
-
ذاكَ الرَئيس محمدٌ كنزُ الشفا
-
-
- إِكليل سحبانٍ وَتاجُ إِياس
-
لَو عاين الكنديُّ حسنَ علاجه
-
-
- لَسَعى إِلَيهِ بهمة وَحَماس
-
وَأَتى أَبو نصرٍ لكعبة علمه
-
-
- وَأَعاذه بِاللَه مِن خنّاس
-
وَأَقرّ بقراطٌ لَهُ برياسةٍ
-
-
- في طبه الخالي عَن الوسواس
-
وَمَشى اِبنُ سينا في ركاب جَنابه
-
-
- لَما رَآه جاءَ فَوقَ أَساس
-
هَذا الَّذي أَحيا بقوّة فهمه
-
-
- فنّ الجِراحة فَهوَ خَير الناس
-
هَذا الَّذي شَهد الأَنام بِأَنَّهُ
-
-
- في الطب كَالإكليل فَوقَ الراس
-
هَذا الَّذي الأَمراض أَصبَح جَيشُها
-
-
- مِن عَزمه في سكرة وَنُعاس
-
فَإِذا رَآه الداء أَقبل مُسرِعاً
-
-
- لِعِلاجه ولَّى بِغَير مَساس
-
وَهُوَ الَّذي أَمسَت بِهِ أَوطانُه
-
-
- في الأَمن مِن مَرضٍ وَشدّة باس
-
هَل قاسه بِسواه إلا جاهلٌ
-
-
- في مَنطق بِنتيجة وَقِياس
-
أَتُقاس شَمس للمعارف أَشرَقَت
-
-
- في سائر الأَقطار بِالنبراس
-
فَاللَه يُظهره عَلى أَعدائه
-
-
- وَيمدّه بمحبة الجلاس
-
وَيَزيده بَين البرية رفعةً
-
-
- يَزهو بِها أَبَداً عَلى الأَجناس
-
تعالَي نَتَعاطاها
يقول ايليا أبو ماضي:
تعالَي نَتَعاطاها كَلَونِ التِبرِ أَو أَسطَعِ
-
-
- وَنَسقي النَرجِسَ الواشي بَقايا الراحِ في الكاسِ
-
فَلا يَعرِفُ مَن نَحنُ وَلا يُبصِرُ ما نَصنَع
-
-
- وَلا يَنقُلُ عِندَ الصُبحِ نَجوانا إِلى الناسِ
-
تعالَي نَسرُقُ اللَذاتِ ما ساعَفَنا الدَهرُ
-
-
- وَما دُمنا وَدامَت لَنا في العَيشِ آمالُ
-
فَإِن مَرَّ بِنا الفَجرُ وَما أَوقَظَنا الفَجرُ
-
-
- فَما يوقِظُنا عِلمٌ وَلا يوقِظُنا مالُ
-
تَعالَي نُطلِقُ الرَوحَينِ مِن سِجنِ التَقاليدِ
-
-
- فَهَذي زَهرَةُ الوادي تُذيعُ العِطرَ في الوادي
-
وَهَذا الطَيرُ تيّاهٌ فَخورٌ بِالأَغاريدِ
-
-
- فَمن ذا عَنَّفَ الزَهرَةَ أَو مَن وَبَّخَ الشادي
-
أَرادَ اللَهُ أَن نَعشَقَ لَمّا أَوجَدَ الحُسنا
-
-
- وَأَلقى الحُبَّ في قَلبِكِ إِذ أَلقاهُ في قَلبي
-
مَشيأَتُهُ وَما كانَت مَشيأَتُهُ بِلا مَعنى
-
-
- فَإِن طَحبَبتِ ما ذَنبُكِ أَو أَحبَبتِ ما ذَنبي
-
دَعي اللاحي وَما صَنَّفَ وَالقالي وَبُهتانَه
-
-
- أَلِلجَداوِلِ أَن يَجري وَلِلزَهرَةِ أَن تَعبَق
-
وَلِلأَطيارِ أَن تَشتاقَ أَيّاراً وَأَلوانَه
-
-
- وَما لِلقَلبِ وَهوَ القَلبُ أَن يَهوى وَأَن يَعشَق
-
تَعالَي إِنَّ رَبَّ الحُبِّ يَدعونا إِلى الغابِ
-
-
- لِكَي يَمزُجُنا كَالماءِ وَالخَمرَةِ في كاسِ
-
وَيَغدو النورُ جِلبابُكِ في الغابِ وَجِلبابي
-
-
- فَكَم نُصغي إِلى الناسِ وَنُعصي خالِقَ الناسِ
-
يُريدُ الحُبُّ أَن نَضحَكَ فَلنَضحَك مَعَ الفَجرِ
-
-
- وَأَن نَركُضَ فَلنَركُضَ مَعَ الجَدوَلِ وَالنَهرِ
-
وَأَن نَهتِفَ فَلنَهتِف مَعَ البُلبُلِ وَالقَمري
-
-
- فَمَن يَعلَم بَعدَ اليَومِ ما يَحدُثُ أَو يَجري
-
تَعالَي قَبلَما تَسكُتُ في الرَوضِ الشَحاريرُ
-
-
- وَيَذوي الحَورُ وَالصَفصافُ وَالنرجِسُ وَالآسِ
-
تَعالَي قَبلَما تَطمُرُ أَحلامي الأَعاصيرُ
-
-
- فَنَستَيقِظُ لا فَجرٌ وَلا خَمرٌ وَلا كاسُ
-
هَوىً بين التحرُّك والسكونِ
يقول الشاعر خليل اليازجي:
هَوىً بين التحرُّك والسكونِ
-
-
- يَهيجُ بِهِ لَظى القَلب الحَزينِ
-
وَما بَرح الهوى المقصورُ فينا
-
-
- كممدودِ الهوا في كل حينِ
-
وَصدرٌ ضمَّ قَلباً ضمَّ وجداً
-
-
- فَكانَ بِهِ شجونٌ في شجونِ
-
وَيا لِلَّهِ شَوقٌ في ضُلوعٍ
-
-
- اقام بهنَّ كالداءِ الدَفينِ
-
أَشوق الى الَّذي مثّلت مِنهُ
-
-
- مثالاً لَيسَ من ماءِ وطينِ
-
وَما حبُّ العيونِ يعدُّ حبا
-
-
- فحبُّ العين من حبِّ العيونِ
-
وَلا كُلُّ المحبة عن ودادٍ
-
-
- يُنَزَّهُ عن اراجيف الظنونِ
-
أَلا يا مَن لَهُ في القَلب عَهدٌ
-
-
- كَنَقشٍ خُطَّ في الصخر المَتينِ
-
لَئن عطفت محبتكم فؤادي
-
-
- فَكَم يَلوي الهوا رطبَ الغصونِ
-
بعثتُ مَع النَسيم لكم سَلاماً
-
-
- حكى بالطبب عَرفَ الياسَمينِ
-
بعثتُ بِهِ الى روحٍ أَمينٍ
-
-
- عساهُ يَكون مَع ريحٍ أَمينِ
-
رأَيتكَ قد أَلِفت الزهدَ طوعاً
-
-
- بحيث رغبتَ في الحق المُبينِ
-
فَلَستَ بِبائِعٍ ديناً بدنيا
-
-
- وَلَستَ بمشترٍ دنيا بِدينِ
-