من هو النمرود؟
هو نمرود بن كنعان بن ريب بن نمرود بن كوشى بن نوح وقيل نمروذ، والنّمرود أول من ملك الأرض، ومن أوائل الجبابرة،1 ادعى الألوهية، وأنّه هو الإله الذي يحكم من دون الله تعالى؛ فادعى أنّه يحيي الموتى؛ وذلك باختياره بين الرجلين أيهما يقتل، كما ادعى أنّ قوّته تفوق كُلّ شيء،2 وكان يجبر النّاس على تعظيمه وتقديسه؛ حيث كان يأتي بالطّعام ولا يبيعه للآخرين إلاّ بعد اعترافهم بأنَّه ربّهم.3
قصة النمرود
جاء القرآن الكريم وبعض الأحاديث النبوية وكتب التاريخ والآثار على ذكر مواقف من حياة النمرود، منها قصة تجبّره وطغيانه في ملكه وإدعائه الربوبية، ومنها قصّته مع إبراهيم -عليه السلام-، وبعض القصص عن نهاية النمرود كيف كانت، وآتيًا ذكر لقصة النمرود كاملة وفق ما ورد في القرآن وبعض الروايات التاريخية.
قصة النمرود مع إبراهيم
دعا إبراهيم -عليه السلام- النّمرود إلى توحيد الله تعالى، ولكنّه بقي مصرًّا على ادّعائه للربوبية، يقول الله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ)،4 وتتلخّص مجادلة إبراهيم للنمرود في النقاط الآتية:
- خرجَ إبراهيم -عليه السّلام- ليجلب الطّعام، وعند وصوله إلى النمرود، سأله: من ربُّك؟ فأجاب: ربّي الذي يُحيي ويُميت.5
- أتى النمرود برجلين من الذين أُصدر فيهما حكم الإعدام؛ فقَتل واحد منهما وأَعتق الآخر، مدّعيًا أنّه بذلك يحيي ويميت، وذلك بعدما أخبره إبراهيم -عليه السّلام- أنَّ الله وحده من يُحيي ويُميت.6
- قال إبراهيم -عليه السّلام- عندما رأى أنّ النّمرود مصِرٌّ على كُفره وعناده،: إنّ الله يأتي بالشّمس من المشرق، فأخرجها من المغرب.6
- صُدِمَ النّمرود وبُهِت؛ لأنّه لم يستطع فعْل ما طلبه إبراهيم -عليه السّلام-.6
رواية أخرى لحوار إبراهيم مع النمرود
ذكر ابن كثير في كتاب البداية والنهاية أنّ النمرود كان يجمع الطعام ويخزّنه عنده؛ فكان الناس يأتون إليه ليأخذوا الطعام منه، وكان يسألهم من ربّهم؛ فيجيبونه بأنّه هو ربّهم، وكان إبراهيم -عليه السلام- ممّن قدم ليأخذ الطعام لأهله من النمرود؛ فلما سأل النمرودُ إبراهيمَ عن ربّه أخبره إبراهيم -عليه السلام- أنّ ربّه هو الله تعالى، وجرت بينهما المناظرة المذكورة أعلاه، فعاد إبراهيم إلى أهله بلا طعام، إلا من حفنات تراب ملأها، وأخذها ليُسكت أهله، وحين وصل إلى أهله نام، وحين فتحت زوجته سارة وعاءه، وجدت فيه طعامًا، فلما استيقظ إبراهيم -عليه السلام-، عرف أنّ الله تعالى قد رزقهم منه.7
قصة إرسال الله ملكًا للنمرود
من الروايات التي نقلها ابن كثير عن النمرود أنّ الله تعالى بعث له ملكًا يدعوه للإيمان بالله؛ فرفض، ثم دعاه مرةً ثانيةً وثالثةً، فأصر على الكفر، فأخبره الملك أن يجمع كلٌّ منهما جيشه، فلما أتى النمرود بجيشه عند طلوع الشمس، أرسل الله تعالى عليهم بعوضًا لم يستطيعوا أن يروا معه ضوء الشمس من كثرة هذا البعوض، فسلّط الله تعالى البعوض عليهم؛ فأكل لحومهم ودمائهم.7
قصة هلاك النمرود
تعدّدت القصص حول كيفيّة نهاية النّمرود وهلاكه، ولكنّها من الإسرائيليّات كما ذكر بعض العلماء؛ أي لم تصح أو تثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن الجدير بالذّكر أنّه لا بأس بالاستشهاد بقصص نهاية الجبابرة والطّغاة؛ لِما في ذلك من العبرة؛ بشرط أن لا تُنسب إلى النبي -صلى الله عليه وسلّم-، ومن المرويات الإسرائيلية المنتشرة حول نهاية النمرود، أنّ بعوضةً دخلت من منخره -أي فتحة أنفه- وكثت أربعمئة سنة، حتّى جعلته يضرب رأسه بالمطارق من شدّة تألمه وتأذيه.8
الدروس المستفادة من قصة النمرود
إنّ في قصّة النمرود ومواقفه سواءً في عِناده لإبراهيم -عليه السّلام- كما ورد في القرآن الكريم، وغيرها من القصص العديد من العِبَر والعِظات، وفيما يأتي ذكر عدد منها:6
- أنّ الإنسان الواثق بالله -سبحانه وتعالى- يجب أن يُبدي الحقّ دائمًا كما فعل إبراهيم -عليه السلام-، ولا يستمع إلى الطواغيت والجبابرة، وأن الله تعالى وحده النّاصر لعباده.
- أنّ الإنسان مهما ظنّ أنَّه امتلك الدّنيا بقوّته وسلطانه، فهو إنسانٌ ضعيف، ليس له حولٌ ولا قوّة، وليس عليه سوى عبادة الله تعالى وامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
- أنّ العناد والتكبّر والجهل، هو سمة وصفة الظالمين والطّاغين، ونهايتهم ستكون مُخيفةً وعاقبتهم وخيمةٌ.
المراجع
- “هل تصح قصة موت النمرود ببعوضة دخلت في منخره؟”، الإسلام سؤال وجواب، 29/3/2020، اطّلع عليه بتاريخ 3/7/2024. بتصرّف.
- ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 187-188. بتصرّف.
- أبو المظفر السمعاني، تفسير السمعاني، صفحة 261. بتصرّف.
- سورة البقرة، آية:258
- ابن جرير الطبري، تاريخ الطبري، صفحة 287-288. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 342-343. بتصرّف.
- ^ أ ب ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 345. بتصرّف.
- “هل تصح قصة موت النمرود ببعوضة دخلت في منخره ؟”، إسلامكَ، اطّلع عليه بتاريخ 26/8/2021. بتصرّف.