كيف تؤدى صلاة الاستسقاء؟
صفة صلاة الاستسقاء
اتّفق الفقهاء على أنّ صلاة الاستسقاء تؤدّى ركعتين بجماعةٍ، ومن غير أذانٍ ولا إقامة، وتكون في مصلى البلد، وتؤدّى خارج أوقات الكراهة، وتعدّدت آراء الفقهاء في كيفية أدائها، وفيما يأتي بيانٌ لصفة صلاة الاستسقاء:3
- القول الأول: ذهب الشافعية والحنابلة ومحمد الشيباني تلميذ أبي حنيفة إلى أنّ صلاة الاستسقاء تؤدّى كصلاة العيد؛ حيث يكبّر الإمام سبع تكبيرات في الركعة الأولى، ثم يُكبّر خمس تكبيرات في الركعة الثانية، مستدلّين بحديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، حيث قال: (خرجَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- متواضعًا متبذلًا متخشعًا مترسلًا متضرعًا، فصلى ركعتين كما يصلي في العيد، ولم يخطب خطبكم هذه).4
- القول الثاني: ذهب المالكية ومحمد الشيباني في قول ثانٍ عنه إلى أنّ صلاة الاستسقاء تصلّى ركعتين كما تُصلّى ركعتا النافلة والتطوّع، واستدلوا بحديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه-، حيث قال: (إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استسقى فصلَّى ركعتينِ).5
هل صلاة الاستسقاء جهريّة؟
اّتفق العلماء على أنّ صلاة الاستسقاء تؤدّى جهريةً كسائر الصلوات التي يجتمع فيها الناس لسماع الخطبة، وللإمام أن يقرأ فيها ما شاء من آيات القرآن وسوره، والأفضل أن يقرأ فيها بسورتيّ: “الأعلى والغاشية”، كما يفعل في صلاة العيد، وللإمام كذلك أن يقرأ فيها بسورتيّ: “ق ونوح”، أو “الأعلى والشمس”، ولا تَفسد صلاةُ الاستسقاء بترك التكبيرات، أو الإنقاص منها، أو الزيادة عليها، ولو ترك الإمام بعض التكبيرات فلا يسجد لها سجود السهو.3
كيف تكون خطبة صلاة الاستسقاء؟
وقت خطبة صلاة الاستسقاء
تعدّدت أقوال العلماء حول كيفية وصفة خطبة صلاة الاستسقاء، وبيان ذلك فيما يأتي:3
- القول الأول: ذهب المالكية والشافعية ومحمد بن الحسن من الحنفية إلى أنّ للاستسقاء خطبتين تكونان بعد الصلاة كالخطبتين بعد صلاة العيد، واستدلوا على ذلك بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (خرج نبي الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا يستسقي، فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ثم خطبَنا، ودعا الله عز وجل، وحوَّل وجهه نحو القبلة رافعًا يديه، ثم قلَب رداءَه، فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن).
- القول الثاني: ذهب الحنابلة والقاضي أبو يوسف من الحنفية إلى أنّ لصلاة الاستسقاء خطبةً واحدةً.
صفة خطبة صلاة الاستسقاء
يوصي الخطيب النّاس بالتوبةِ والإنابةِ والتقربِ إلى الله بالطّاعات كالصيامِ، وكثرة الاستغفار، وردِّ المظالم، وأداء زكاة الله في أموالهم، لحديث عبد الله بن عمر عن رسول الله قال فيه: (ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا منعوا القطر من السماء)،6 ويُكثر من الاستغفار في خطبة الاستسقاء؛ حيث يستحبّالاستغفار في خطبة الاستسقاء بدل التكبير؛ لأنّه مفتاح الغيث من السماء؛ لقوله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا)،7 وللعلماء فيما يفتتح فيه الخطيب الخطبة والاستغفار فيها أقوال:8
- الحنابلة: قالوا إنّ الخطيب يفتتح الخطبة بالتكبير تسعًا كخطبة العيد، ويكثر فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنّها وسيلة الإجابة، لقول عمر رضي الله عنه: “الدعاء موقوف بين السماء والأرض، لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك”.
- المالكية: قالوا لا حدّ للاستغفار في الخطبتين.
- الشافعية: قالوا يستغفر الخطيب في الخطبة الأولى تسعًا، وفي الثانية سبع مرات.
ما هي آداب وسنن صلاة الاستسقاء؟
إنّ لصلاة الاستسقاء آدابًا وسننًا يستحبّ للمسلم مراعاتها عند أدائها، ومنها:9
- الخروج بتذلل وتواضعٍ إلى المصلى.
- الإكثار من الدعاء والتضرّع إلى الله تعالى.
- قلب الرداء وتحويله؛ استبشارًا وتفاؤلًا بأن يبدل الله الحال.
ما صيغ الدعاء المأثورة في صلاة الاستسقاء؟
اتّفق أهل العلم على تقديم المأثور من الدعاء على ما سواه من الأدعية الأخرى، وممّا جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يأتي:
- (اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا).10
- (اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والجبال، والآجام والظراب، والأودية ومنابت الشجر).11
- (اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً مريعاً نافعاً غير ضار، عاجلاً، غير آجل).12
- (اللهم اسقنا غيثاً هنيئاً، مريئاً مريعاً، غدقاً مجللاً، عاماً طبقاً، سحاً دائماً، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إن بالعباد والبلاد والبهائم والخلق من اللأواء والجهد والفتك ما لا يشكو إلا إليك).13
- (اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، واسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض، اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعري، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك، اللهم إنا نستغفرك، إنك كنت غفارًا فأرسل السماء علينا مدرارًا).13
المراجع
- ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر، صفحة 381. بتصرّف.
- أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، صفحة 1081. بتصرّف.
- ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 312-313. بتصرّف.
- رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1266، حسنه الألباني.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن زيد، الصفحة أو الرقم:1026، صحيح.
- رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3240، حسن.
- سورة نوح، آية:10 -11
- وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 1441-1448. بتصرّف.
- د. محمد رفيق مؤمن الشوبكي (21/7/2015)، “صلاة الاستسقاء تعريفها وحكمها ومكانها وصفتها”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 11/6/2024. بتصرّف.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم: 1013، صحيح.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1014، صحيح.
- رواه أبي داود، في سنن أبي داود، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1169، صحيح الإسناد.
- ^ أ ب رواه ابن كثير، في إرشاد الفقيه، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، الصفحة أو الرقم:214، له شواهد.