تعريف الاستغفار
يعدّ الاستغفار من أفضل وأعظم أنواع الذكر؛ لذا حثّ الله -سبحانه وتعالى- عباده في كتابه العزيز عليه، ومن ذلك قوله تعالى: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا)1 وآتياً بيان معنى الاستغفار:
- الاستغفار في اللغة: مصدر من الفعل استغفر، وهو طلب المغفرة والعفو.2
- الاستغفار اصطلاحاً: لا يخرج معنى الاستغفار في الاصطلاح عن معناه اللغوي؛ وهو أن يطلب العبد العفو والصفح من الله تعالى والتجاوز عن الذنوب.3
كيف أستغفر الله؟
يُشرع للمسلم الاستغفار والإكثار منه في أي وقت ومكان، وعلى أي حالٍ كان، بمناسبة وبغير مناسبة،4وفيما يأتي بيانٌ لكيفية الاستغفار من حيث صيغ الاستغفار، وآدابه وأفضل أوقاته.
ما هي صيغ الاستغفار؟
ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان يقول ويردّد أستغفر الله كلمةً بمفردها، وكذلك وردت صيغ متعدّدة للاستغفار في القرآن والسنة النبوية، فيما يأتي بيانها.5
صيغ الاستغفار من القرآن الكريم
ورد في القرآن الكريم عدد من صيغ الاستغفار، ومنها الآيات الآتية:56
- قال تعالى: (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي).7
- قال تعالى: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).8
- قال تعالى: (رَبَّنَا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).9
- قال تعالى: (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ).10
- قال تعالى: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ).11
- قال تعالى: (وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ).12
- قال تعالى: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ).13
- قال تعالى: (رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).14
صيغ الاستغفار من السنة النبوية
وردت عدّة صيغ للاستغفار في عدد من الأحاديث النبوية، ومنها:5
- قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أستغفِرُ اللهَ الَّذي لا إلهَ إلَّا هوَ الحيُّ القَيومُ وأتوبُ إليهِ).15
- صيغة سيد الاستغفار: (اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ).16
- قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (اللَّهمَّ اغفِرْ لي، وارحَمْني، وتُبْ علَيَّ، إنَّك أنت التَّوَّابُ الرَّحيمُ).17
- قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بين التشهد والتسليم: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَسْرَفْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ).18
ما هي آداب الاستغفار؟
يستحب للمسلم عند الاستغفار التحلّي بمجموعة من الآداب والسنن؛ بيانها فيما يأتي:19
- الإخلاص في الاستغفار، قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ).20
- التضرّع والتذلّل واستشعار الذنب، مع استشعار عظمة الله ومغفرته، قال تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً)،[٢١]كما يُستحب إخفاؤه وعدم الجهر به إلا إذا قصد تذكير من يسمعه بالاستغفار.
- الإلحاح في الاستغفار وتكراره.
- البدء بالثناء على الله تعالى، كما فعل سيدنا يونس -عليه السلام-: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).[٢٢]
- الاستغفار في الأوقات مظنّة الإجابة.
- الاستغفار بالصيغ الواردة في الشرع.
- شمول المؤمنين والمؤمنات في الاستغفار، قال تعالى: (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ).[٢٣]
عدد مرات الاستغفار
ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَه كان يستغفر في اليوم الواحد مئة مرّة، وحثَّ على قراءة بعض صيغ الأدعية ثلاث مرات، ولكن هذا يُعد من باب التكثير لا الحصر؛[٢٤] فللمسلم أن يستغفر ربّه قدر ما شاء، وفي أي وقت كان.
وقت الاستغفار
للمسلم أن يستغفر الله تعالى في كلِّ الأوقات، ويكون الاستغفار واجباً عليه عند صدور الذنب منه، كما يُستحبُّ منه الاستغفار بعد فعل العبادات والطاعات؛ وذلك لجبر أيّ خللٍ قد صدر منه،[٢٥] ويعتبر الاستغفار في الأسحار، وفي قيام الليل وفي السجود، وبعد الصلوات المكتوبة من أفضل أوقات الاستغفار.[٢٦]
ما فضل الاستغفار وفوائده؟
إنّ للاستغفار فضلاً عظيماً وفوائد كثيرةٌ ينتفع بها المستغفرون، ومن فضائل وفوائد الاستغفار ما يأتي:[٢٤]
- الاستغفار يمحو الذنوب ويكفّر السيئات.
- الاستغفار يؤمّن من العقوبة ويقي من عذاب الله؛ لقول الله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).[٢٧]
- الاستغفار سبب في تفريج الهموم وجلب الرزق وتكثيره.
- الاستغفار والمداومة عليه سبب في سقيا المطر ونزول الغيث بإذن الله.
- الاستغفار يضمن للمداومين عليه أن يمتّعهم الله تعالى متاعاً حسناً.
المراجع
- سورة النصر، آية:3
- “تعريف و معنى استغفار”، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/6/2024. بتصرّف.
- ابن علان، الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية، صفحة 267. بتصرّف.
- عبده قايد الذريبي (15/3/2011)، “أحوال ومناسبات يشرع فيها الاستغفار”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 17/6/2024. بتصرّف.
- ^ أ ب ت محمد صالح المنجد ، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 3، جزء 125. بتصرّف.
- “الاستغفار القرآني”، طريق الإسلام، 19/6/2014، اطّلع عليه بتاريخ 17/6/2024. بتصرّف.
- سورة القصص ، آية:16
- سورة آل عمران ، آية:147
- سورة البقرة ، آية:285
- سورة آل عمران ، آية:193
- سورة إبراهيم، آية:41
- سورة المؤمنون، آية:118
- سورة الحشر، آية:10
- سورة التحريم، آية:8
- رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن زيد بن حارثة، الصفحة أو الرقم: 1517، صححه الألباني.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 6323، صحيح.
- رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3434، صححه الألباني.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن على بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:771، صحيح .
- خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني (7/7/2018)، “آداب الذكر والدعاء”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 25/5/2022. بتصرّف.
- سورة البينة، آية:5
- سورة الأعراف ، آية:55
- سورة الأنبياء ، آية:87
- سورة محمد، آية:19
- ^ أ ب محمد مهدي قشلان، مناجم الأسرار في فضل الاستغفار، صفحة 4-3. بتصرّف.
- الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة، أمين الشقاوي، صفحة 504. بتصرّف.
- مأمون حموش، التفسير المأمون على منهج التنزيل والصحيح المسنون، صفحة 435. بتصرّف.
- سورة الأنفال، آية:33